أحنُّ إلى رائحة الطين في قريتي البعيدة.
ولوجهي الطفولي الذي تكبره أحلامه.
ولوجوه الصديقات القديماااات.
وللأيام التي لها في ذاكرتي رائحة خبزٍ ناضج.
وللصور الجميلة التي كنت أحملها عن الآخرين, و أسمو بها بعيدًا بعيدًا.. في مكانٍ قصي من قلبي.. لكي لا تمتد لها حقيقتهم.. فتشوهها.
أحنًّ للزمن الذي كنت أبكي فيه على أحزان الآخرين.
وأرثي فيه الموتى الذين لا أعرفهم..
بسبب شح أحزاني..
أحنُّ إلى الليالي التي كنتُ اختنق فيها كآبةً.. بلا سبب.
فقد قتلتني البلادة.. و حولي ألف سبب و سبب للبكاء..
وقلبي حجر.
أحنُّ إلى بدايات كل شيء.
بدايات المعرفة.
بدايات الشك.
بدايات الضياع.
بدايات الحُب.
حين تتطاول في قلوبنا الساذجة قامات من ننجذب إليهم..
ويغرقون في بياض الملائكية.
و نغرق مثلهم..
فقد أضجرتني النهايات العديدة.
النهايات المباغتة.
والنهايات التي تختبئ خلف البدايات.
والنهايات التي تُفصح باكرًا عن نفسها.
والنهايات الطويلة التي تمتد أمامي كطريق حالك الظلام.. لا يؤدي إلى شيء.. و عليًّ أن أسلكه كله.. كي أتأكد من أن النهاية تؤول إلى لا شيء.
و كي اقتنع أن الحُب هباء.
و العُمر هباء.
و نحنُ .. هباء..