
الأصدقاء,
هِبة الحياة الشحيحة..
الـ (هِبة) التي نُمرغها في البُعد , في التجاهل الصارخ, وفي وحل التناسي..
و تظل غير قابلة للمحو التام..
تظل عصية على النسيان. و إن كانت سريعة الإذعان لفراغ الغياب الطويل..
الغياب الذي يترك كل هذا الغبار..
الغبار الذي لا يمكن نفضه بالسؤال الروتيني عن الصحة و الأحوال..
الغبار الذي لا يمكن نفضه بالتواصل السخيف, الشبيه بالكوميديا التهريجية..
التواصل الذي تبدأ معه الأسئلة بإخراج ألسنتها في وجه آمالي..
الأسئلة التي نتبادلها دونَ خجل.. مع إني في داخلي أجزم أنها بذاءات..
الأسئلة من فئة : " وين الناس؟ " .. " وينك ما تتصلين "
الأسئلة التي تتشكل في صورة عتاب عديم الجدوى..
العتاب الذي يُشبه شيخًا كبيرًا أكلت و شربت السنين من ذاكرته..
فصار كل كلامه.. هذيااان..
هذيااااان مضحك و مثير للسخرية المُرّة..
الأصدقاء..
هبة الحياة الشحيحة بالعطايا..
هبة الحياة التي تحترف السرقة..
هبة الحياة التي تُعطي, و تمن, و تندم, فتستعيد عطاياها..
الأصدقاء..
ماعادوا تلك الهبة الجديدة, الثمينة..
الأصدقاء الآن قطعة (أنتيكة) في معرض حياتي.
استيقظ بعد كل غياب لأنفض عنها غبار الوقت.
الأصدقاء,
ماعادوا ذلك الجدار الذي استند عليه مطمئنة..
و لا السقف الذي يُظلني و لا يطاله شيء.
الأًصدقاء الآن..
همُ هذا النسيج الذي أخشى عليه من كل شيء..
النسيج الذي تفككه الريح..
و تتهالك خيوطه عند كل مغيب..
المغيب الذي أغيب معه عن حاضري, فأحلم بالصداقات الضائعة..
بالوجوه البعيدة.
بالذكريات التي لها رائحة خبز ناضج..
فأجوع..
أجوع..